إن أدب الرسائل جزء لا يتجزأ من الثقافة، فهو يكشف أشياء كثيرة بخصوص كاتبها ومتلقيها وما يتعلق بالصور البيانية والأسلوب اللغوي، لكنها وعلى نحو يعدل ذلك بيخ أهميته تعطينا الرسالة صورة واضحة عن المجتمع الذي كتبت فيه الرسالة. فالنوع الأدبي المتمثل بيخ أدب الرسائل بيخ المجتمع الإسلامي يمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسين: هما الرسائل الرسمية (أو الرسائل الديوانية) والرسائل غير الرسمية (أو الرسائل الإخوانية). وهنا ينبغي التوضيح بيخ موضوع الرسائل غير الرسمية ذلك أن نوعية الأفكار بين الرسالة -مثل التهنئة أو التأنيب أو التعزية- ليست محددة حصراً لمكاتبات بين الأصدقاء"، وبيخ هذا السياق ينبغي إعادة النظر بيخ دراسة ما قاله أرازي وبن شاماي Arazi and Ben Shammay، حيث أكدا أن الرسائل الإخوانية هي فقط والرسائل المتبادلة بين صديقين". ولكن يمكن القول عموماً. إن الرسائل الرسمية تحظى بقيمة تاريخية واجتماعية عالية، بيخ حين تكشف لنا الرسائل غير الرسمية أشياء كثيرة عن سيكولوجية المجتمع وأنماط التفاعل بين الأفراد عبر التواصل مع مخاطب «غير موجود). ويمكن القول: إن أدب الرسائل بيخ المجتمع الإسلامي لم يدرس الدراسة الوافية ومع ذلك فقد جاءتنا بعض الأعمال التي توضح تاريخ الموضوع وتعطينا مراجع مهمة وقيمة. ولا بد لي من الإشارة إلى التقليد الجرماني العريق بيخ هذا المجال الذي زودني ببعض المواد التأسيسية الممتازة التي سأبني دراستي هذه عليها، كما أن توافر مقالات قصيرة تتحدث عن كتابة الرسائل بيخ الثقافات الأخرى بيخ العصور القديمة والعصور الوسيطة دلالة أخرى على الأهمية التاريخية والاجتماعية لهذا الموضوع، وهنالك بالتأكيد أوجه شبه تثير الاهتمام من حيث الترتيب الزمني والبنية بيخ تطور كتابة الرسائل بيخ المجتمع الإسلامي والمجتمع الغربي على السواء (ولاسيما بية إيطالية وفرنسة، وألمانية أيضاً) وورشة العمل التي عقدت أخيراً بين مدينة زوريخ حول الرسائل الخاصة والرسائل التجارية بيخ الشرق الأوسط" شاهد أكيد على تنامي الاهتمام وأهمية هذا النوع الأدبى بيخ مختلف اللغات ومختلف الثقافات.